حُوشُ
الأفكار والأفهام يحسَبون أنَّهم حَضَرٌ وهم متجذرون
في البداوة وقد
كشفتهم التجارب . أتوا من كلِّ فجٍّ فقاموا على رقاب
الناس خِلسة وجاسوا خلال الدِّماء بنحو من يرون أنَّ الحقَّ ملك لهم ، وتراهم يُسَلِّمون بفعلهم كأنّهم في
عينهم لايخطئون .
يضرمون
النيران ويدفعون غيرهم إليها حتى إذا جاء الموت وجدهم في بروج مشيَّدة تجري
من تحتها الأنهار وما هم بناجين منه. وبعد أن زادهم الله بسطة ظهر ما
يُبطنون في ظهور غايتهم الجاهلية من الرِّياسة وهي حَقرُّ بني آدم الذين
كرَّمهم الله ، فخَرَّبوا حياتهم ونصَّبوا
أنفسهم علية عليهم بفضل الكذب.
لا يؤثرون على أنفسهم ولو لم تكن بهم خصاصة ، افتتنوا بالمحاباة
التي يتسابقون فيها ، يقولون ما لا يفعلون وعن القضاء هم يتحصنون ؛ فإذا سرق
فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف تركوه. إذا استقبلوا من أمرهم
ما استدبروا أخذوا مال الفقراء وردوه إلى أنفسهم وكانوا هم الأغنياء ، ومَن
نظرَ إلى عُدم الناس بينهم اعتقد أنَّهم لا يعرفون مِن مستحقي الزكاة إلا
العاملين عليها وكانوا هم العاملـين .
جعلوا لعامليهم نصيباً مما يجمعون من شعبهم فانقض العاملون عليه لا
تلويهم لومة لائم ، ثُمَّ جلبوا الفقر الذي أجبر الرعية على ارتكاب المعاصي وضاق صدر
المؤمن بالمؤمن . ذاعوا بنقض العهد والأيمان الغليظ ويمكرون كمن يأمن مكر الله ولا يأمن مكر الله إلا
القوم الخاسرون ، لم يسلكوا بالحكمة ولم يسعوا
ليجدوا إليها سبيلا .
شهروا السيف في وجه التاريخ وقالوا له :
- أُكتب لنا مجداً وسؤددا ، فقال : ما أنا بكاتب ولا مجد لكم عندي ،
فقالوا: إن لم تكتب لنضربن عنقك.
فقام وكتب مخازيهم وقال : أما أنا فلن أكذب أبدا.
إذا النَّفْسُ لم
تُـجبل على الذَّم قَصُر نَفَسُها عنده ولكن عند الجهر بالحقِّ تؤدي ما
عليها.
إلى هؤلاء الذين
يسرُّهم ما يسوء الناس
بقـــــاؤكُمْ
لنــــا مــمــــــــاتُ وذهـــــابُكم لنــا حيــــــــــاةُ
وقُــــربُكم لنــــا شــقــــــــاءٌ وبُعــــدُكُمْ لنــا
نجـــــــــــــاةُ
الِخصْــــــــبُ لا يُــــــريدُكُمْ والنِّيـــــــــــلُ والفَـــــــــــلاةُ
والشَّمـــالُ
والجـنـــوبُ والشُّــــروقُ والغُــروبُ والنَّـــــواةُ
والكبــيــرُ والصَّغــــــيرُ
والصَّـبيُّ والعجـــــوزُ
والفَــتـــــاةُ
مهــــلاً مَـــنْ أنتُـــــــــمُ أجيبـــــــوا أيُّهـــا
القُســــــــــاةُ
مِــنْ أينَ جئتُـــمُ تســــــــــــاءلَ الأديـــبُ والهُــــــــــــــداةُ
الأشـــــــــــباحُ لا تُــــرى فَلِمَ يــراكُــــمُ
الــــــــــــــــــرُّواةُ؟
هَــــلْ
بُيــوتُكُمْ بُيــــــوتُــهــا وضــــــيوفُكُمْ مَــنْ فَاتـــــــوا؟
وَهَـــلْ لكــــــــــاذبٍ جــــــــــوابٌ أَم
بِعهـــدهِ ثِقـــــــــــاتُ؟
مِنْ فَـــــــــرطِ ظُلمِكُمْ وضُـــــرِّكُمْ لا يُعـــــــذَلُ
العُـــــــــداةُ
للَّـــــهِ قُـلْتـُـــــــمُ وقُولُكُــــمُ .. نتــانةٌ
منبــوذةٌ مُلْقَـــــــاةُ !
البَــــــــــــذاءُ
فيكُمُ ومِنكُـــمُ فـــي فَحشِــــهِ غُـــــــــــــلاةُ
والبَغضــــــــاءُ مِنكُمُ تبدَّتْ لِأنَّــــكُمْ
لَهــــا دُعــــــــــــاةُ
فَمَنْ فـي
كَفِـــهِ كِتـــــــابٌ كَمَـنْ فـــي كَفِــهِ قَــنـــــــــاةُ
كَمْ أصــــــــابَتْ مِنْ أخٍ يــــــومَ راضَهــــــا رُمــــــــاةُ
فَبِئسَ ذا القِتـــــــالُ والَّذيـــنَ يمكــرونَ
هُـــمْ دُهـــــــــــاةُ
غَرَسْتُمُ الخطـــايا فأثمرتْ رزايــــا وفوقَــها
العُصــــــــاةُ
تتــــدافعُ المنايا تصيدُ في البرايــــا ويســعدُ
الُجنـــــــــاةُ
وَعَنْ
اللَّبـــيـبِ لاتســـــلْ
إذا مِنْ ذَنبـِـــهِ يَقْتَــــــــــــاتُ
يَبيــــعُ
ذِمـــــةً وأُمـــــــةً حِيَن يُعــــــــرَضُ الفُتــــاتُ
مَــنْ يموتُ مَـنْ يُصَــــــمُّ لا تَهُــــــزُّهُ الأصــــــــــــــواتُ
ومَنْ يُعمى في الفــــــؤادِ
فَالعُيــــــــونُ مُغْمَــضَـــــــــاتُ
لا اللَّيــــلُ مــــانعُ النَّهـــارِ
والـمُــرَجَّــــى لا العُتــــــــاةُُ
فَمَـا لَهُ الفِـــــراقُ قَـدْ كَسَـــــتْهْ عِنْدَ
رَبْعِــــكُمْ أنَــــــــــاةُ
عبدالرحمن السعادة