السبت، 28 سبتمبر 2013

الأشباح


  حُوشُ الأفكار والأفهام يحسَبون أنَّهم حَضَرٌ وهم متجذرون في البداوة وقد كشفتهم التجارب . أتوا من كلِّ فجٍّ فقاموا على رقاب الناس خِلسة وجاسوا خلال الدِّماء بنحو من يرون أنَّ الحقَّ ملك لهم ، وتراهم يُسَلِّمون بفعلهم كأنّهم في عينهم لايخطئون .
يضرمون النيران ويدفعون غيرهم إليها حتى إذا جاء الموت وجدهم في بروج مشيَّدة تجري من تحتها الأنهار وما هم بناجين منه. وبعد أن زادهم الله بسطة ظهر ما يُبطنون في ظهور غايتهم الجاهلية من الرِّياسة وهي حَقرُّ بني آدم الذين كرَّمهم الله ، فخَرَّبوا حياتهم ونصَّبوا أنفسهم علية عليهم بفضل الكذب.
لا يؤثرون على أنفسهم ولو لم تكن بهم خصاصة ، افتتنوا بالمحاباة التي يتسابقون فيها ، يقولون ما لا يفعلون وعن القضاء هم يتحصنون ؛ فإذا سرق فيهم الشريف تركوه وإذا سرق الضعيف تركوه.  إذا استقبلوا من أمرهم ما استدبروا أخذوا مال الفقراء وردوه إلى أنفسهم وكانوا هم الأغنياء ، ومَن نظرَ إلى عُدم الناس بينهم اعتقد أنَّهم لا يعرفون مِن مستحقي الزكاة إلا العاملين عليها وكانوا هم العاملـين .
  جعلوا لعامليهم نصيباً مما يجمعون من شعبهم فانقض العاملون عليه لا تلويهم لومة لائم ، ثُمَّ جلبوا الفقر الذي أجبر الرعية على ارتكاب المعاصي وضاق صدر المؤمن بالمؤمن  . ذاعوا بنقض العهد والأيمان الغليظ ويمكرون كمن يأمن مكر الله ولا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون ، لم يسلكوا بالحكمة ولم يسعوا ليجدوا إليها سبيلا .

شهروا السيف في وجه التاريخ وقالوا له :
- أُكتب لنا مجداً وسؤددا ، فقال : ما أنا بكاتب ولا مجد لكم عندي ، فقالوا: إن لم تكتب لنضربن عنقك.
فقام وكتب مخازيهم وقال : أما أنا فلن أكذب أبدا.
إذا النَّفْسُ لم تُـجبل على الذَّم قَصُر نَفَسُها عنده ولكن عند الجهر بالحقِّ تؤدي ما عليها.

إلى هؤلاء الذين يسرُّهم ما يسوء الناس



بقـــــاؤكُمْ لنــــا مــمــــــــاتُ   وذهـــــابُكم لنــا حيــــــــــاةُ


وقُــــربُكم لنــــا شــقــــــــاءٌ   وبُعــــدُكُمْ لنــا نجـــــــــــــاةُ

الِخصْــــــــبُ لا يُــــــريدُكُمْ   والنِّيـــــــــــلُ  والفَـــــــــــلاةُ

والشَّمـــالُ والجـنـــوبُ والشُّــــروقُ والغُــروبُ والنَّـــــواةُ

والكبــيــرُ والصَّغــــــيرُ والصَّـبيُّ والعجـــــوزُ والفَــتـــــاةُ


مهــــلاً مَـــنْ أنتُـــــــــمُ     أجيبـــــــوا أيُّهـــا القُســــــــــاةُ


مِــنْ أينَ جئتُـــمُ تســــــــــــاءلَ الأديـــبُ  والهُــــــــــــــداةُ 

الأشـــــــــــباحُ لا تُــــرى فَلِمَ يــراكُــــمُ الــــــــــــــــــرُّواةُ؟
 
هَــــلْ بُيــوتُكُمْ بُيــــــوتُــهــا وضــــــيوفُكُمْ مَــنْ فَاتـــــــوا؟

وَهَـــلْ لكــــــــــاذبٍ جــــــــــوابٌ أَم بِعهـــدهِ ثِقـــــــــــاتُ؟

مِنْ فَـــــــــرطِ ظُلمِكُمْ وضُـــــرِّكُمْ لا يُعـــــــذَلُ العُـــــــــداةُ 
 

للَّـــــهِ قُـلْتـُـــــــمُ وقُولُكُــــمُ  .. نتــانةٌ منبــوذةٌ مُلْقَـــــــاةُ !
                       
البَــــــــــــذاءُ فيكُمُ ومِنكُـــمُ   فـــي فَحشِــــهِ غُـــــــــــــلاةُ

والبَغضــــــــاءُ مِنكُمُ تبدَّتْ     لِأنَّــــكُمْ لَهــــا دُعــــــــــــاةُ

فَمَنْ فـي كَفِـــهِ كِتـــــــابٌ     كَمَـنْ فـــي كَفِــهِ قَــنـــــــــاةُ


كَمْ أصــــــــابَتْ مِنْ أخٍ      يــــــومَ راضَهــــــا رُمــــــــاةُ

فَبِئسَ ذا القِتـــــــالُ والَّذيـــنَ يمكــرونَ هُـــمْ دُهـــــــــــاةُ
 
غَرَسْتُمُ الخطـــايا فأثمرتْ رزايــــا وفوقَــها العُصــــــــاةُ

تتــــدافعُ المنايا تصيدُ في البرايــــا ويســعدُ الُجنـــــــــاةُ

وَعَنْ اللَّبـــيـبِ لاتســـــلْ    إذا مِنْ ذَنبـِـــهِ يَقْتَــــــــــــاتُ

يَبيــــعُ ذِمـــــةً وأُمـــــــةً     حِيَن يُعــــــــرَضُ الفُتــــاتُ

مَــنْ يموتُ مَـنْ يُصَــــــمُّ لا تَهُــــــزُّهُ الأصــــــــــــــواتُ

ومَنْ يُعمى في الفــــــؤادِ فَالعُيــــــــونُ مُغْمَــضَـــــــــاتُ

لا اللَّيــــلُ مــــانعُ  النَّهـــارِ والـمُــرَجَّــــى لا العُتــــــــاةُُ

فَمَـا لَهُ الفِـــــراقُ قَـدْ كَسَـــــتْهْ عِنْدَ رَبْعِــــكُمْ أنَــــــــــاةُ



عبدالرحمن السعادة













هناك 4 تعليقات:

  1. يسلم يراعك ايها المفتون والمسكون بالابداع دوما عبد الرحمن ....المرحوم الاديب الطيب صالح نعت حكام السودان من الاوباش ( من اين جاء هولاء ...من اي واق الواق جاء هولاء ) هم مجهولي الابوة والنسب وجاءوا من رعاع القوم ولكن كما تفضلت ارادوات ان يشيدوا مجدا علي الهواء فعلقوا جميع جماجم الناس من اجل ان ينوا بها اساس لحياتهم ولكن هيهات ....

    ردحذف
  2. من أين أتى هؤلاء ؟؟
    هل السماء ما تزال صافية فوق أرض السودان أم أنّهم حجبوها بالأكاذيب ؟
    هل مطار الخرطوم ما يزال يمتلئ بالنّازحين ؟ يريدون الهرب الى أيّ مكان ، فذلك البلد الواسع لم يعد يتّسع لهم . كأنّي بهم ينتظرون منذ تركتهم في ذلك اليوم عام ثمانية وثمانين . يُعلَن عن قيام الطائرات ولا تقوم . لا أحد يكلّمهم . لا أحد يهمّه أمرهم . هل ما زالوا يتحدّثون عن الرخاء والناس جوعى ؟ وعن الأمن والناس في ذُعر ؟ وعن صلاح الأحوال والبلد خراب ؟
    جامعة الخرطوم مغلقة ، وكل الجامعات والمدارس في كافّة أنحاء السودان . الخرطوم الجميلة مثل طفلة يُنِيمونها عُنوةً ويغلقون عليها الباب ، تنام منذ العاشرة ، تنام باكية في ثيابها البالية ، لا حركة في الطرقات . لا أضواء من نوافذ البيوت . لا فرحٌ في القلوب . لا ضحك في الحناجر . لا ماء ، لا خُبز ، لاسُكّر ، لا بنزين ، لا دواء . الأمن مستتب كما يهدأ الموتى....

    نهر النيل الصبور يسير سيره الحكيم ، ويعزف لحنه القديم " السادة " الجدد لايسمعون ولا يفهمون . يظنّون أنّهم وجدوا مفاتيح المستقبل . يعرفون الحلول . موقنون من كل شيئ . يزحمون شاشات التلفزيون ومكرفونات الإذاعة . يقولون كلاماً ميِّتاً في بلدٍ حيٍّ في حقيقته ولكنّهم يريدون قتله حتى يستتب الأمن.
    مِن أين جاء هؤلاء النّاس ؟ أما أرضعتهم الأمّهات والعمّات والخالات ؟ أما أصغوا للرياح تهبُّ من الشمال والجنوب ؟ أما رأوا بروق الصعيد تشيل وتحط ؟ أما شافوا القمح ينمو في الحقول وسبائط التمر مثقلة فوق هامات النخيل؟ أما سمعوا مدائح حاج الماحي وود سعد ، وأغاني سرور وخليل فرح وحسن عطية والكابلي المصطفى ؟أما قرأوا شعر العباس والمجذوب ؟ أما سمعوا الأصوات القديمة وأحسُّوا الأشواق القديمة ، ألا يحبّون الوطن كما نحبّه ؟ إذاً لماذا يحبّونه وكأنّهم يكرهونه ويعملون على إعماره وكأنّهم مسخّرون لخرابه ؟
    أجلس هنا بين قوم أحرار في بلد حرٍّ ، أحسّ البرد في عظامي واليوم ليس بارداً . أنتمي الى أمّة مقهورة ودولة تافهة . أنظر إليهم يكرِّمون رجالهم ونساءهم وهم أحياء ، ولو كان أمثال هؤلاء عندنا لقتلوهم أو سجنوهم أو شرّدوهم في الآفاق.
    من الذي يبني لك المستقبل يا هداك الله وأنت تذبح الخيل وتُبقي العربات ، وتُميت الأرض وتُحيي الآفات ؟
    هل حرائر النساء من " سودري " و " حمرة الوز " و " حمرة الشيخ " ما زلن يتسولنّ في شوارع الخرطوم ؟
    هل ما زال أهل الجنوب ينزحون الى الشمال وأهل الشمال يهربون الى أي بلد يقبلهم ؟
    هل أسعار الدولار ما تزال في صعود وأقدار الناس في هبوط ؟ أما زالوا يحلمون أن يُقيموا على جثّة السودان المسكين خلافة إسلامية سودانية يبايعها أهل مصر وبلاد الشام والمغرب واليمن والعراق وبلاد جزيرة العرب ؟
    من أين جاء هؤلاء الناس ؟ بل - مَن هؤلاء الناس ؟

    ردحذف
  3. مشكور أخي المستشار أمير السيد

    ردحذف
  4. ...عزيزي عبد الرحمن اعلم ان ارادة الناس هي الغالبة ولو تطاول بها العهد ولك في السابقون من طغاة الاقليم اسوة حسنة صدام والقزافي وعلي عبد الله صالح ونميري ومبارك والبقية اتية ....

    ردحذف